لمن سينحاز الرئيس المقبل؟

لمن سينحاز الرئيس المقبل؟

لمن سينحاز الرئيس المقبل؟
الكاتب : عماد الدين حسين
هل شعر أحدكم بأى فارق أو اختلاف بين البرامج الاقتصادية لمرشحى الرئاسة «المحتمل» نجاح أحدهم؟!



 قد يسارع البسطاء إلى الإجابة بكلمة «لا»، لكن المراقبين قد يسألون سؤالا استنكاريا هو: وهل هناك برامج محددة أصلا للمرشحين حتى نسأل عن الجانب الاقتصادى منها؟!



تقديرى ــ وربما أكون مخطئا ــ أن الفارق الجوهرى بين مرشح وآخر ــ فى الحالة المصرية الراهنة ــ ينبغى أن يكون فى الاقتصاد أساسا، بمعنى إلى من فئة أو طبقة سينحاز هذا المرشح اجتماعيا؟!



 المرشحون «المحتملون» الكبار يتحدثون من شهور باستفاضة عبر كل الوسائل الإعلامية، وصار لمعظمهم أخبار يومية مكتوبة ومرئية، لكن لا تكاد تلحظ فارقا كبيرا بينهم فى الملف الاقتصادى الاجتماعى.



وللموضوعية فإنه ربما باستثناء حمدين صباحى وأخيرا خالد على ــ اللذين يؤكدان انحيازهما للأغلبية الفقيرة والمعدمة ــ فإن المعلن من توجهات اقتصادية لغالبية المرشحين متشابه على الأقل فى الانحياز لسياسات السوق والعرض والطلب ودعم القطاع الخاص.



لست هنا فى موضع تقييم أى سياسة اقتصادية هى الأفضل للمجتمع الآن، لكن الملاحظ أن غالبية المرشحين يتحدثون عن انحيازهم للثورة وأنهم أبناؤها الأبرار فى حين أن بعضهم حاربها سرا وعلنا ويلعن «سنسفيلها» فى جلساته الخاصة. فى الشق السياسى الجميع يتحدث عن الحرية والتعددية واحترام حقوق الانسان.



وفى الشق الاقتصادى نسمع من الجميع وعودا براقة تذكرنا بمصطلحات أنور السادات عندما وعد الناس بالرخاء، ثم فوجئوا برفع الأسعار فى 17 يناير 1977 وبعدها تحول الانفتاح الاقتصادى المشوه إلى التربة التى نبتت فيها كل أنواع الفساد اللاحق.



لم يحدثنا أحد حتى الآن من المرشحين الكبار عن خطط تفصيلية توضح لنا توجهه الاقتصادى، ولمن سينحاز؟!



هل سينحاز لمجموعة قليلة من رجال الأعمال قد لا يشكلون أقل من نصف فى المائة من الشعب أم لغالبية الناس؟! هل سيطبق جوهر سياسات مبارك الاقتصادية ــ بعد تهذيبها ــ أم سيتبنى سياسات وطنية تقود إلى نهضة حقيقية؟! كيف سيوفر فرص عمل حقيقية لمواجهة البطالة وكيف سيجذب المستثمرين المصريين والأجانب الجادين وليس مجموعة المضاربين؟ ماذا سيفعل فى الخصخصة، خصوصا بعد الأحكام القضائية بعودة الشركات للقطاع العام؟!



ماذا سيفعل مع ملف الدعم، خصوصا دعم الطاقة الذى يستفيد من الجزء الأكبر منه كبار الأغنياء فى البلد؟!



ماذا سيفعل مع الزراعة والصناعة وهل سيدعم صغار الفلاحين وأصحاب المشروعات الصغيرة أم يستمر فقط فى دعم أولئك الذين حصلوا على آلاف الأفدنة المستصلحة ولم يزرعوها حتى الآن والحيتان من المحتكرين والمستوردين والوكلاء؟!



لا أريد من طرح هذه الأسئلة المطالبة بأن نتبنى سياسات متطرفة تدعو إلى التأميم أو العودة إلى سياسات الستينيات لكن أوضاع البلد المزرية اقتصاديا واجتماعية تتطلب حدا أدنى من الاهتمام بالفقراء والمعدمين وسكان العشوائيات فى حين أن الملاحظ أن الغالبية من المرشحين ومعظم أحزابنا الفاعلة «تحدف» ناحية اليمين بقوة!



 القضية لم تعد مثلما كانت فى الماضى تصنيفا ساذجا بين يمين ويسار، بل هى أقرب ما تكون إلى وجود مرشح أو حكومة أو نخبة تؤمن بتنمية مستقلة أو تابعة.



عانينا كثيرا من التبعية منذ منتصف السبعينيات وحتى هذه اللحظة، ولم نجرب من وقتها التفكير فى التنمية المستقلة التى تقود إلى خلق نموذج مصرى مستقل فى التنمية مثلما فعلت البرازيل وتركيا وماليزيا ونماذج أخرى كثيرة.



المعادلة المقبلة لمن يهمه الأمر ينبغى أن تكون كالتالى: من دون عدالة اجتماعية حقيقية فإننا قد نفاجأ بسيناريوهات كابوسية لا نتخيلها حتى لو كان لدينا برلمان منتخب بنزاهة تشكل أغلبيته الحكومة ورئيس جديد.

مصدر:الشروق

0 التعليقات "لمن سينحاز الرئيس المقبل؟"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel