كانت تجلس القرفصاء أمام محل البقال التموينى انتظارا لحصتها الشهرية من الأرز والسكر والزيت التى تكفى لثلاثة أفراد مسجلين على بطاقتها التموينية. ويبدو أن وقوفها فى طابور طويل لعدة ساعات أرهقها كثيرا. فبعد أن سجلت اسمها فى ورقة سجل عليها أحدهم أسماء الواقفين فى الطابور وفقا لأولوية الوصول. قررت السيدة الستينية أن تستريح لبعض الوقت، لكن الاستراحة لم تدم طويلا فقد نودى على اسمها أخيرا، واستطاعت بعد جهد جهيد أن تحصل على حصتها المكونة من 4 زجاجات زيت، 6 كيلوات من السكر، و6 مثلها من الأرز، سددت عنها السيدة 23 جنيها فقط، وكم كانت سعيدة.



فهذه هى المرة الأولى التى تحصل فيها على حصتها التموينية كاملة. وبدلا من أن تنصرف اختارت مكانا قريبا بجانب المحل وجلست تقلب حبات الأرز التى تسربت من الكيس الممزق بين يديها ثم راحت تشمها لعدة مرات، ولمزيد من التأكد طلبت من جارتها التى كانت تنتظر دورها فى الصف أن تشتم هى الأخرى حبات الأرز التى تفوح منها رائحة عطانة تقول لها: «أنا حاسة إن الرز ريحته مكمكة زى الشهر اللى فات»، وقد أكدت لها المرأة الأخرى شكوكها، قائلة: «الظاهر إن الرز متخزن»، الغريب أن الأخيرة عادت لتعرض عليها شراء نصيبها لتهديه لابنتها، فسعر الأرز التموينى مهما كانت درجة رداءته، فهو من وجهة نظرها لا يقارن بالأرز الحر الذى يُباع بالسوبر ماركت بـ4 و5 جنيهات. ورغم وجاهة هذا الرأى فإن ذلك لا يبرر فكرة أن يأكل المصريون أرزا فاسدا أو عطنا لمجرد أنه سلعة مدعمة، وبدلا من الشكوى عليهم أن يشكروا الحكومة أنها أتاحت لهم الحصول على أرز رخيص حتى ولو كان فاسدا ومفتتا ومليئا بالشوائب.



لقد أخبرنى مسئول بأن هذه النوعية من الأرز تم استيرادها من الهند خلال المناقصة الأخيرة لتوريد الأرز لصالح هيئة السلع التموينية ولا أعرف كيف دخلت عبر الموانى دون فحص وأين دور هيئة الرقابة على الصادرات والواردات؟ وإلى متى ستظل هيئة السلع التموينية تخضع لابتزاز المستوردين واحتكار خمسة تجار لسوق الأرز فى مصر، يعرفهم وزير التموين بالاسم وللأسف يد الحكومة تبدو عاجزة عن إيقافهم وكأنهم فوق القانون والمحاسبة بل إن هيئة السلع تقبل ما يورد للمخازن دون فحص أو اختبار، واللجان التى تشكل يبدو أنها تتسلم هذه السلع على الورق فقط فى تجاهل تام لشروط المواصفة القياسية على اعتبار أن بطون المصريين أصحاب البطاقات تهضم الزلط؟



لماذا لم يفعل حتى الآن قرار الوزير بفحص السلع التموينية سواء أكانت منتجة محليا أم مستوردة بمخازن الموردين قبل وصولها لشركات التوزيع وللبقال التموينى تجنبا للهدر والسرقة والغش. إن حق المستهلك البسيط فى سلعة مدعمة تستوفى كل الشروط الصحية هو حق أصيل..

تماما مثل حق الحياة.

الكاتبة : ماجدة خضر
مصدر:الشروق

0 التعليقات " "

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel