فتيات يرفعن شعار: عريس ولو من تحت الأرض

فتيات يرفعن شعار: عريس ولو من تحت الأرض

فتيات يرفعن شعار: عريس ولو من تحت الأرض
فتيات يرفعن شعار: عريس ولو من تحت الأرض
لم تكن سارة تعرف أنها حين تعرفت إلى زوجها حاليًا عن طريق الإنترنت، وتحديدًا عن طريق غرف الدردشة، أن قصتها ستصبح مقدمة للعديد من القصص الناجحة في غزة، فقد تعرفت إلى شاب مصري، وتبادلت معه المعلومات عن حياتها وحياته، وشعرت بأنه فارس أحلامها، خاصة أنها قد قاربت الثلاثين من عمرها من دون زواج، وهي تملك شقة فاخرة وراتبًا محترمًا تدره عليها وظيفة مرموقة، ولا ينقصها أمام كل هذه الإنجازات سوى الزوج المناسب، فاقترحت على الشاب، الذي وجدته ملبيًا أمنياتها، أن يأتي إلى غزة عن طريق الأنفاق، محتملاً رحلة موت تحت الأرض، على أمل أن تكتب له بداية حياة جديدة في غزة المحاصرة.
بالفعل وصل العريس المصري إلى غزة عن طريق الأنفاق، وأقامت له عروسه الفلسطينية حفل زفاف كان حديث سكان المدينة لمدة طويلة، ويعيش العروسان في سعادة وهناء، ولكن الزوج «النفقي» لم يستطع الحصول على عمل حتى الآن، ويقضى وقته ما بين مشاهدة التلفاز والدردشة مع أصدقائه في وطنه الأم مصر، وتتندر صديقات سارة «الحسودات» عليها أن تحترس من عريسها «النفقي» أن يقيم علاقة جديدة، ويتسلل هاربًا من حيث أتى.

رحلة أنفاق ذهابًا وإيابًا
من سارة إلى ريتا إسحق، وهي صحافية ومخرجة أفلام شابة، تعرفت إلى فنان شاب يعيش في منطقة أخرى من فلسطين، وليس في غزة المحاصرة، حيث يعيش خطيبها طاهر مسلماني في إحدى المدن الفلسطينية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، وهي مدينة باقة الغربية، وقد تعارفا عن طريق الفيس بوك، فعرف طاهر أنها مخرجة وصحافية، وجمع الحب بينهما، وحين قرر خطبتها لم يجد أمامه سوى أن يصل إلى بيت أهلها عن طريق الأنفاق، فسافر متسللاً ووصل إلى حبيبته ريتا، التي ما إن رآها كما يقول حتى بكى وعانقها، حيث كان اللقاء في مقر عملها أولاً، وهو اللقاء الذي رتبه زملاء ريتا؛ ليدخلوا الفرحة إلى قلبها، وفي بيت أهلها في غزة تم عقد القران، ثم عاد العريس إلى الشطر الآخر من فلسطين عبر الأنفاق أيضًا.

خدعة
وفي الجانب الآخر كان هناك عريس جاء أيضًا عبر الأنفاق إلى غزة؛ لكي يحتفل بزواجه من عروسه التي تعرف إليها عبر الإنترنت، لكي يفاجأ بأنها قد خدعته، حيث أخبرته بأنها طبيبة أطفال، وهي في الحقيقة تعمل ممرضة، الشاب (س) وهو فلسطيني يقيم في الأردن يقول: تجثمت عناء السفر والتنقل، وتكلفت مبالغ مالية تفوق قدرتي؛ من أجل أن ألتقي حبيبتي التي خطبتها عبر الإنترنت من والديها، والتي ادعت أن والدها يعمل طبيبًا، فإذا بي أفاجأ بأنها ممرضة ويتيمة، لم أتحمل الخدعة، وعدت من حيث أتيت.

عروس وليس عريسًا
جاءت سلمى من مصر عبر الأنفاق مع والديها الفقيرين؛ لكي تتزوج من قريب لها في غزة، حيث إن والدها فلسطيني وأمها مصرية الجنسية، وفي غزة تقول: انهارت أحلامي، تزوجني قريبي بلا مهر، وبحفل زفاف متواضع، وبعد الزواج بأسبوع عاد والداي إلى مصر عبر الأنفاق، وتركاني هنا أواجه مصيري، فزوجي بالنسبة له أنا مجرد خادمة نهارًا، وخليلة فراش ليلاً، ويضربني ويذلني، ولا أحد يدافع عني سوى والدته، التي هي قريبة أبي، ولا أستطيع العودة إلى مصر، حيث رزقت بطفلين على التوالي منه.

عريس الغفلة
عريس آخر يتحدث عن تعرفه إلى فتاة عبر الإنترنت ادعت أنها طالبة جامعية فلسطينية تدرس في مصر، ويقول عطية: أحببتها عن طريق الفيس البوك وغرف الدردشة، وقررت أن أستقدمها لغزة؛ لكي تتعرف إلى عائلتي، ولكنها رفضت، ولذا سافرت إلى مصر عن طريق الأنفاق، حيث كانت رحلة مرعبة، وفي مصر اكتشفت أنها فلسطينية فعلاً، ولكنها تتلقى العلاج في مستشفى للأمراض النفسية، بعد تجربة حب فاشلة مع ابن عمها، وكانت تستخدم حاسوبًا في غرفتها بالمستشفى، حيث لا يفارقها إطلاقًا، وكانت تقوم بالاعتداء على كل رجل تقابله أمامها.

حقائق ربما تحمل مآسي
وفيما تنكر بعض الجهات الفلسطينية وجود حالات دخول نساء عبر الأنفاق إلى غزة، يعترف أصحاب الأنفاق بأنهم يدخلون ما يقارب الـ600 شخص يوميًا كمسافرين عبر الأنفاق، وهناك من يقضى ساعات معدودة في غزة لحضور حفل زفاف أو لعقد قرانه ثم يعود ثانية، ويقول أبو رافع، صاحب أحد الأنفاق: أحيانًا لا أتقاضى أجرًا مقابل نقل المسافرين لحالة إنسانية، ويتحدث عن حالة فتاة وصلت للنفق بثوب زفاف أبيض؛ بدعوى أنها تريد الوصول إلى عريسها، وتبين فيما بعد أنها مصرية وتريد دخول الأراضي الفلسطينية؛ لكي تبحث عن عمل هناك، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة استقدام خادمات صغيرات للعمل في بيوت أثرياء غزة، وهم من الطبقة الثرية التي لم تتأثر بحالة الحرب والحصار التي عانت ولاتزال تعاني منها غزة.

حبوب مهدئة
أحد أصحاب الأنفاق المنتشرة كالأفاعي بين الحدود المصرية الفلسطينية يقول: إن أجمل وأفضل هدية تقدم لأي عريس أو عروسة في طريقه لغزة أو خارجها للالتقاء بشريكه الآخر، هي بعض الحبوب المهدئة التي تستخدم خاصة للنساء؛ للتقليل من حالة الخوف التي تنتابهن أثناء رحلة سفرهن تحت الأرض، حيث تتعرض بعض الأنفاق للانهيارات المفاجئة، ما يؤدي لحالات الموت والاختناق، وهكذا يبدو الثمن غاليًا أمام كل من يخاطر ليعبر رحلة الموت نحو حياة جديدة.

أنفاق 5 نجوم
تشير الإحصاءات إلى وفاة ما يقرب من مائة شخص سنويًا؛ بسبب انهيارات الأنفاق، أو تعرضها للقصف من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي، وفيما تبدو بعض الأنفاق غير آمنة فهناك أنفاق «خمس نجوم» بها عربات نقل فاخرة، وأجهزة تكييف وتهوية، وهكذا وكما تحمل الأنفاق الموت، فهي تحمل الحياة والأمل للبعض، وخاصة لفتيات رفعن شعار: «عريس ولو من تحت الأرض!».

0 التعليقات "فتيات يرفعن شعار: عريس ولو من تحت الأرض"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel