"ستكسنت" أحدث أسلحة الحرب الإلكترونية

"ستكسنت" أحدث أسلحة الحرب الإلكترونية

"ستكسنت" أحدث أسلحة الحرب الإلكترونية
أشارت شركة "سيمناتيك" التي تعمل في مجال برامج الأمن الإلكتروني والبرامج المضادة للفيروسات أنّ إيران تأتي في طليعة الدول المستهدفة من ناحية الإصابات التي حققها برنامج "ستكسنت" وأنّ ما يقارب 60% من أجهزة الكمبيوتر التي تعرضت لهجوم من هذا التطبيق الخبيث كانت في إيران

في 25 سبتمبر/أايلول 2010، أكدت إيران أن العديد من وحداتها الصناعية وقعت ضحيت إرهاب إلكتروني بعد إصابتها بفيروس "ستكسنت" ويعد هذا الفيروس وفق العديد من التقارير التي صدرت مؤخرا واحد من أعقد الأدوات التي تم استخدامها إلى الآن.

فـ"ستكسنت" عبارة عن برنامج كومبيوتر خبيث يهاجم أنظمة التحكم الصناعية المستخدمة على نطاق واسع في مراقبة الوحدات التي تعمل آليا. وكان الخبراء بداية يعتقدون أنّ مهمّة البرنامج هي التجسس الصناعي ونقل المعلومات التي تساعد على تقليد المنتجات.

لكن تبيّن لخبراء الهندسة العكسيّة فيما بعد أنّ الأمر مختلف كليّا. فالبرنامج -وعلى عكس الكثير من البرامج المعروفة إلى الآن- ليس مخصصا للتجسس وسرقة المعلومات الصناعية لمحاولة كسب المال أو لسرقة الملكية الفكرية. فبعد حوالي أربعة أشهر من العمل، ظهر أن الأمر أكثر تعقيدا مما كان متصورا، وأننا نقف اليوم أمام نوع جديد من البرامج التي من الممكن أن تتحول إلى نموذج للأطراف التي تنوي إطلاق هجمات إلكترونية تؤدي إلى دمار حقيقي واقعي في البلد المستهدف حتى دون الحاجة إلى الإنترنيت.

فالبرنامج لا يعمل بشكل عشوائي كما هي العادة وإنما بشكل محدد جدا. إذ يقوم بعد اختراق الأجهزة والحواسيب بالتفتيش عن علامة فارقة تتعلق بأنظمة صنعتها شركة "سيمنز الألمانية"، فإذا ما وجدها يقوم عندها بتفعيل نفسه ويبدأ بالعمل على تخريب وتدمير المنشأة المستهدفة من خلال العبث بأنظمة التحكم وقد تتعدد المنشآت التي يستطيع مهاجمتها من خطوط نقل النفط إلى محطات توليد الكهرباء وحتى المفاعلات النووية وغيرها من المنشآت الإستراتيجية الحسّاسة، أمّا إذا لم يجدها، فيترك الحاسوب وشأنه.

فالبرنامج كبير ومشفّر جدا ومعقد جدا ويوظّف تقنيات ذكية وجديدة، ولا يلزمه للعمل أي تدخل بشري في أي مرحلة من المراحل، ويكفي أن يكون هناك بطاقة ذاكرة تخزين إلكترونية مصابة به حتى يبدأ عمله.

ولأنه على هذه الدرجة من التعقيد والتطور ولأنّه يعمل بشكل محدد جدا، فمن البديهي أن يكون من صنع دولة، ومن البديهي أن تكون المنشأة أو المنشآت الأساسية التي يبحث عنها لتدميرها أو تخريبها قيّمة للغاية وعلى درجة عالية من الأهمية. وبناء على هذا الاستنتاج، ذهبت العديد من المصادر إلى التخمين بأنّ مفاعل بوشهر الإيراني قد يكون الهدف الأساسي الذي يبحث البرنامج عنه لتدميره.

ففي دراسة لها، أشارت شركة "سيمناتيك" التي تعمل في مجال برامج الأمن الإلكتروني والبرامج المضادة للفيروسات أنّ إيران تأتي في طليعة الدول المستهدفة من ناحية الإصابات التي حققها برنامج "ستكسنت" وأنّ ما يقارب 60% من أجهزة الكمبيوتر التي تعرضت لهجوم من هذا التطبيق الخبيث كانت في إيران.

وعلى الرغم من أنّ إيران نفت عبر مدير مشروع بوشهر محمود جعفري أن يكون الفيروس قد أصاب المفاعل أو تسبب في أي ضرر في أنظمة التحكم فيه، إلا أنها كانت قد أقرت إصابة بعض الحواسيب الشخصية المحمولة لموظفي المحطة بهذا الفيروس إضافة إلى إصابته أكثر من 30 ألف نظام حاسوبي لمنشآت صناعية متعددة داخل إيران.

وهناك عدد من الخبراء يعتقد بالفعل أنّ هدف الفيروس الأساسي قد يكون مفاعل بوشهر، وأنّ الفيروس قد حقق هدفه من التخريب بدليل أنّ إيران أعلنت أنها ستؤجّل العمل في المفاعل عدّة أشهر حتى بداية عام 2011،(27) في وقت يرى فيه آخرون أنّ الهدف هو منشأة ناتانز لتخصيب اليورانيوم بدليل أنّ المنشأة عانت مشكلة ظلّت طي الكتمان وأدت إلى انخفاض أجهزة الطرد المركزية القادرة على العمل بنسبة 15% فجأة وذلك في نفس الفترة التي ظهر فيها الفيروس لأول مرّة.

وبالرغم من أنّه قد تمّ اكتشاف "ستكسنت" لأول مرة من قبل شركة بيلاروسية تدعى VirusBlockAda قالت أنها عثرت على التطبيق الخبيث في جهاز كمبيوتر يعود لأحد عملائها الإيرانيين، إلاّ أنّ أصابع الاتهام لم تتّجه إليها، وتمّ إطلاق العديد من التخمينات حول الجهة التي قد تكون أطلقت هذا الهجوم بالفعل، ومنها:

روسيا: على اعتبار أنّه سبق وان كانت موضوع شبهة في أكبر هجومين وقعا حتى فترة ما قبل "ستكسنت" في أستونيا وجورجيا. وفي حالة إيران، فالإيرانيين استخدموا الروس لتركيب أنظمة سيمينز الألمانية، والعلماء الروس كانوا الجهة الأجنبية الوحيدة المسؤولة عن بوشهر والمخولة أيضا الدخول إلى كافّة الأنظمة، وعليه فالروس يعلمون جيدا مكمن الضعف، ومن الممكن جدا لأسباب مختلفة أن يكونوا الجهة التي أدخلت الفيروس عبر استخدام بطاقة ذاكرة مصابة. وتشير بعض التقارير الاستخباراتية الصادرة مؤخرا إلى أنّ عددا من العلماء والتقنيين الروس المشاركين في مشروع بوشهر بدؤوا في مغادرة إيران خوفا من اعتقالهم واستجوابهم خاصة بعدما تمّ احتجاز بعض من زملائهم لاستجوابهم من قبل السلطات الإيرانية بداية الشهر الحالي.

الصين: وفي المقابل، يشير عدد من خبراء الأمن الإلكتروني إلى أنّ الصين قد تكون المصدر المحتمل للفيروس، وانّ الهدف المقصود منه كان الهند وليس إيران مستندين في ذلك إلى أنّ الهند وحتى نهاية أيلول/سبتمبر الماضي تعد الدولة الأكثر تعرّضا للفيروس وفقا لإحصاءاتهم، وهي وتأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد الحواسيب المصابة بالفيروس متخطّية كل من إيران وإندونيسيا وبواقع 60 ألف جهاز. وذلك في سياق التوتر الذي تشهده العلاقة بين البلدين منذ أشهر على خلفية نزاعات حدودية وسياسية متزايدة مؤخرا.

أمريكا: ولا تستبعد جهات أخرى أن تكون الولايات المتّحدة الدولة المصنّعة للفيروس نظرا لتعقيده وتطوره ولما يحتاجه من خبرات وموارد هائلة. ويربط البعض بين هذا الفيروس وبين النزاع الأمريكي-الإيراني حول الملف النووية، وأنّ الهدف منه هو تخريب المجهود النووي الإيراني خاصّة أنّ الرئيس جورج بوش الابن كان قد سمح -وفقا لتقارير صحفية نقلا عن مسؤولين حكوميين- بإطلاق جهود تتضمن العديد من الخطوات التي تهدف إلى تخريب البرنامج النووي الإيراني من خلال استهداف أنظمة الحواسيب والكهرباء والشبكات وكل ما يخدم البرنامج النووي الإيراني. ووفقا لأصحاب هذا التصوّر، فقد استكمل الرئيس أوباما هذا المجهود فيما بعد، خاصّة أنّ عملية تخصيب اليورانيوم كانت قد عانت مصاعب تقنية كبيرة العام الماضي وما زال من غير المعروف إذا ما كان السبب هو العقوبات الاقتصادية أم التصنيع الرديء أم عمليات التخريب الأمريكية.

ومع ذلك تبقى إسرائيل وفق كثير من الخبراء والمتخصصين المرشح الأكثر احتمالا كمصدر لفيروس "ستكسنت".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على باكير "الجزيرة"

0 التعليقات ""ستكسنت" أحدث أسلحة الحرب الإلكترونية"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel