ثقافة الكراهية مَن يئدها؟
ثقافة الكراهية مَن يئدها؟
إن أخطر داءٍ قد يصيب المجتمعات، ويؤدي إلى تفككها هو ذاك الداء الناجم عن الكراهية، والحقد والفرقة. إنه الداء العضال، الذي يخلخل المجتمعات، ويجعلها  ضعيفة لا تستطيع أن تنهض أو تتطور، ما إن تنحو باتجاه النهضة، حتى تتجاذبها أعراض ذلك المرض، حتى تعود إلى نقطة الصفر.

وإننا -وفي الوقت الراهن بالذات- محتاجون لِلَملمة الصف، وجمْع الكلمة، والقبول بالآخر، واحترام الرأي المخالف، في ظل احترامٍ لثوابت المجتمع وعقائده، خاصة ونحن يجمعنا قالب واحد، هو قالب الإسلام، ولسنا من أديان مختلفة..

إن الإيمان بوجود الآخر، والاحترام لأفكار ورؤى الآخر، مهما كان، واجب يحتمه علينا ظرفنا الراهن، بل ومقومات المجتمع الناجح- أيضًا- تستدعي ذلك.

وللأسف الشديد! الكثير منا يجعل من الخلاف البسيط، والتباين في وجهات النظر، سببًا للفرقة والقطيعة، وتقوم إثر ذلك حرب داحس والغبراء، وحرب باردة كحرب السوفيت والأمريكان.. وتناسى هؤلاء الإخوة أنهم في سفينة واحدة، فأي عبث بمحتوياتها أو بمحركاتها سيؤدي بنا إلى الغرق جميعًا...... فالخلاف مهما كان حجمه يجب ألا يؤدي إلى الفرقة والحقد والبغضاء.

والمصيبة أحيانًا أننا لا نريد أن نفهم بعضنا، أو نتفهم ظروف بعضنا لنعذرهم في بعض ما ذهبوا إليه، فنستند إلى ثقافة قالوا وسمعنا و... و...، دونما تثبت وتبين لِما قال الآخر، وهل هو فعلاًَ من قاله، أم هناك شخص ما أراد الوقيعة بيننا..

وهناك الكثير لا هم لهم إلا الاصطياد -كما يُقال- في الماء العكر، بل نسميه احتطاب الليل، فمن يحتطب في الليل، قد يحمل الجيد والرديء، ويمكن أن يحمل مع الحطب الحشرات والثعابين، وقد يكون هناك جهة ما مغرضة، هي من تضع القش وأعواد الحطب هنا وهناك، ثم يأتي المستعجلون والمتهورون، ويلتقطون تلك الأعواد ويجمعونها، ثم ما إن تلبث أن تصبح نارًا مشتعلة، تحرقنا جميعًا، حينها تستضيء تلك الجهة بنورها وتزيدها إشعالاً... أظن أن المعنى واضح..

ودورنا كشباب كبير، ومسؤولية ملقاة على عواتقنا جميعًا، في إطفاء مثل هذه الحرائق إنْ وُجدت، أو رمْي أعوادها إلى سلة المهملات قبل الاشتعال.....

إن على العقلاء في المجتمع وأْد ثقافة الكراهية، وهي مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقنا كشباب ونُخَب مثقفة؛ إذ نحن بحاجة إلى احترام الآخر، وجودًا ورأيًا ومشاعر، في حدود لا تتصادم مع معتقداتنا، وعاداتنا كمجتمع مسلم، حتى يتسنى للجميع صياغة العلاقة بين الذات والآخر، وبين مكونات المجتمع وتعبيرات الوطن المتعددة...

إننا اليوم وفي ظل الأوضاع التي نعيشها، يتحتم علينا أن نجتمع على نقاط اتفاقنا، ومسلمات الوطنية، التي يجب على أي منا أن يؤمن بها، وندع نقاط الخلاف جانبًا، بل نجعل منها تنوعًا سياسيا ومنافسة لخدمة وطننا، والابتعاد عن مصالح ضيقة، حزبية، أو شخصية، أو فئوية، أو جهوية، أو غيرها، نحن بحاجة إلى رفع راية الوطن أولاً...

نحن اليوم بحاجة إلى الحوار، والجلوس على طاولة واحدة، لنطرح رؤانا وأفكارنا، فيما نخدم به وطننا، ونتحاور في ذلك، وليقنع كل منا الآخر، إن كانت رؤيته هي الأصوب، لكن بشرط التجرد من الأنا ونحن والذات، وتحت راية حب الوطن والمجتمع، وإيمان بقبول الحق، وإن كان لا يوافق هوانا...

إن الظروف الحساسة التي نعيشها، تتطلب منا جميعًا الانعتاق من أسر التعصب والأنانية القاتلة، وذلك حتى نتمكن من مجابهة هذه الظروف والتحديات التي تستهدفنا جميعًا أرضًا وإنسانًا.

نحن بحاجة إلى تكاتف كل الجهود، وتجييش كل الطاقات، والإمكانات، من أجل النهوض ببلداننا، ولذلك لا بد من الخروج من إبرة التعصب الأعمى، إلى رحاب التواصل والحوار، ومن ضيق التطرف والغلو، إلى سعة الرفق والتيسير، ومن دائرة الجمود المميتة، إلى فضاء التجديد والاجتهاد والكدح المتواصل من أجل الحق والحقيقة..

يجدر بنا القول بأن التسامح فضيلة رائعة، وحري بكل صاحب فكر إلى تبنيها، وتبني نبذ التطرف والغلو في الأفكار والمعتقدات.

وأخيرًا علينا جميعًا أن نسعى لأن يسود مجتمعنا جو من التسامح، والسلام والتعاون، والتكافل، مهما اختلفت أفكار ومعتقدات أبنائه

0 التعليقات "ثقافة الكراهية مَن يئدها؟"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel